X

شرطة الروبوتات: هل مستقبل الأمن في أيدي الذكاء الاصطناعي؟

شرطة الروبوتات: هل مستقبل الأمن في أيدي الذكاء الاصطناعي؟

هل تخيلت يومًا أن تجوب شوارع مدينتك دوريات أمنية آلية، مدعومة بتقنيات متطورة للذكاء الاصطناعي؟ هذا ليس من عالم الخيال العلمي بعد الآن. ففي جميع أنحاء العالم، بدأت قوات الشرطة في دمج الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في استراتيجيات السلامة العامة، مما يثير تساؤلات مهمة حول مستقبل الأمن وخصوصية الأفراد. سنستعرض في هذا المقال أبرز التطورات في هذا المجال، بدءًا من تجربة تايلاند الرائدة ووصولًا إلى النهج الأمريكي الأكثر تحفظًا، مع التركيز على التحديات الأخلاقية والقانونية التي يفرضها هذا التغيير الجذري.

روبوت الشرطة في تايلاند: تجربة رائدة

شهد مهرجان سونغكران المزدحم في تايلاند ظهور أول روبوت شرطة يعمل بالذكاء الاصطناعي، وهو روبوت ثابت يُعرف باسم “بول كول ناكهون باتوم بلود باي” (ما يعني “ناكهون باتوم آمنة”). يُعد هذا الروبوت، الذي طورته منطقة الشرطة الإقليمية السابعة وشرطة محافظة ناكهون باتوم والسلطات المحلية، خطوةً جريئةً نحو مستقبل جديد لقوات الأمن. يمتاز الروبوت بكاميرات 360 درجة، وقدرة على التعرف على الوجوه، والتكامل مع شبكات الطائرات بدون طيار وكاميرات المراقبة. يستخدم الذكاء الاصطناعي المدمج فيه لتحليل الحشود في الوقت الفعلي، والتعرف على الأسلحة مثل السكاكين مع تجاهل العناصر غير الضارة مثل مسدسات المياه، وإرسال البيانات إلى مركز القيادة للاستجابة السريعة من قبل الشرطة. لكن هل هذا الروبوت فعّال حقًا؟ يرى بعض النقاد أن قاعدته ذات العجلات تحد من قدرته على الحركة، وأن الاعتماد على أدوات مراقبة موجودة بالفعل مثل الطائرات بدون طيار وشبكات كاميرات المراقبة يطرح تساؤلات حول جدوى استخدام روبوت ثابت بدلاً من كاميرات ثابتة مماثلة. كما أن تصميمه الشبيه بالبشر، مع زيه الرسمي للشرطة، يبدو أكثر رمزية من كونه عمليًا، نظرًا لعدم قدرته على الحركة ثنائية الأرجل واحتياجه لوجود ضباط بشر قريبين لمنع العبث به.

الصين والروبوتات الأمنية البشرية الشكل

تتجاوز الصين حدود استخدام الروبوتات في مجال الأمن بخطوات واسعة، حيث قامت بنشر روبوتات بشرية الشكل متفاعلة بالكامل. في شنتشن، يقوم نموذج PM01، الذي طورته شركة EngineAI، بدوريات إلى جانب الضباط، ويحيي الحشود، ويستجيب للأوامر الصوتية، بل ويؤدي حركات بهلوانية مثل القفزات الأمامية. هذه الروبوتات، المجهزة بشاشات تعمل باللمس وبرامج مفتوحة المصدر، تتيح للمطورين في جميع أنحاء العالم توسيع قدراتها. وفي الوقت نفسه، تعمل الصين على روبوت RT-G البرمائي الكروي، القادر على العمل في بيئات قاسية، ويصل إلى سرعات تبلغ 22 ميلًا في الساعة ويتحمل صدمات تصل إلى 4 أطنان. تُظهر هذه التطورات الطموحة في الصين مدى التقدم السريع في هذا المجال، لكنها تثير أيضًا مخاوف متزايدة حول إمكانية إساءة استخدام هذه التقنيات.

النهج الأمريكي: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي دون الروبوتات البشرية الشكل

تتبنى وكالات إنفاذ القانون الأمريكية أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ولكنها تتجنب، على الأقل حتى الآن، استخدام الروبوتات البشرية الشكل. فقد تم اختبار روبوت الأمن الآلي K5 التابع لإدارة شرطة نيويورك في محطات المترو، واستخدم كاميرات 360 درجة للمراقبة، لكنه استبعد صراحةً التعرف على الوجوه لمعالجة مخاوف الخصوصية. ومع ذلك، انتهى برنامج تجريبي للروبوت بعد انتقادات حول الشفافية ومخاوف من أنه قد يمكن المراقبة الجماعية. وتستمر مدن مثل لوس أنجلوس وميمفيس في استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالجرائم لتحليل أنماط الجريمة وتخصيص الموارد. تحدد هذه الأنظمة نقاط الجريمة الساخنة بناءً على البيانات التاريخية، لكنها تواجه تدقيقًا بسبب التحيز العنصري المحتمل وعدم وجود رقابة عامة. في حين تركز الولايات المتحدة على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والمراقبة، لا تزال الروبوتات البشرية الشكل غائبة عن عمليات النشر الحالية.

الجدل العالمي: الأمن مقابل الخصوصية

يُجادل مؤيدو استخدام روبوتات الذكاء الاصطناعي بأنها تعزز السلامة في الأماكن المزدحمة، بينما يحذر المدافعون عن الخصوصية من مخاطر المراقبة الجماعية. يستخدم كل من روبوت تايلاند والصين تقنية التعرف على الوجوه، مما يثير مخاوف بشأن إساءة استخدام البيانات والتحيز. في الولايات المتحدة، أثار روبوت K5 مناقشات حول الحقوق المنصوص عليها في التعديل الرابع من الدستور الأمريكي، حيث تساءل النقاد عن مدة تخزين اللقطات ومن يمكنه الوصول إليها. هذا يُبرز أهمية إيجاد توازن دقيق بين الحاجة إلى الأمن والحق في الخصوصية في عصر التكنولوجيا المتطورة.

نقاط رئيسية

يُمثل روبوت شرطة تايلاند وروبوتات الصين البشرية الشكل نقطة تحول في إنفاذ القانون، حيث تجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والسلامة العامة. بينما تعد هذه الابتكارات واعدة من حيث الكفاءة، إلا أنها تحتاج إلى قواعد صارمة وشفافية لمنع انتهاكات الخصوصية وتجاوزات الحكومة. يجب أن يراعي تطوير هذه التقنيات مراعاةً دقيقةً لحقوق الإنسان وخصوصية الأفراد، وتخضع لرقابة صارمة.

خاتمة

يُطرح سؤالٌ محوريٌّ: هل تُحسّن روبوتات الذكاء الاصطناعي مستوى الأمن، أم أنها تُقودنا نحو مستقبل تتراجع فيه الخصوصية؟ هل ستكون مرتاحًا لوجود روبوت شرطة يتجول في شوارع مدينتك؟ يُعد هذا نقاشًا مُلِحًا يجب أن نشارك فيه جميعًا، من أجل بناء مستقبل آمن يحترم حقوق جميع الأفراد. إن التوازن بين الأمن والتكنولوجيا هو التحدي الحقيقي الذي يواجهنا، والشفافية والرقابة العامة هما أساس ضمان استعمال هذه التقنيات بشكل أخلاقي ومسؤول.

Categories: Technology
IT-Tech: